خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الإيجابية ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الإيجابية ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 24 جمادي الأولي 1445هـ ، الموافق 8 ديسمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 ديسمبر 2023م بصيغة word بعنوان : الإيجابية ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 ديسمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : الإيجابية ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 8 ديسمبر 2023م بعنوان : الإيجابية .
أولًا: كُلّنَا ركابُ سفينةٍ واحدةٍ.
ثانيًا: الإيجابيةُ في حياتِنَا.
ثالثــــًا : السلبيةُ داءٌ خطيرٌ.
رابعًا وأخيرًا: كُنْ إيجابيًّا ولا تكنْ سلبيًّا!!!
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 ديسمبر 2023م بعنوان : الإيجابية : كما يلي:
الإيجابيةُ للدكتور محمد حرز
24 جمادي الأولي 1445هـ الموافق 8 ديسمبر 2023م
الحمدُ للهِ القويِّ العزيزِ، الفعالِ لِمَا يريدُ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوفَى) النجم: 39-41،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقِهِ وخليلُهُ ؛ القائلُ كما في حديثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ :بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102)
عبادَ الله : ((الإيجابيةُ ))عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .
عناصرُ اللقاءِ:
أولًا:كُلّنَا ركابُ سفينةٍ واحدةٍ.
ثانيًا: الإيجابيةُ في حياتِنَا.
ثالثــــًا :السلبيةُ داءٌ خطيرٌ.
رابعًا وأخيرًا: كُنْ إيجابيًّا ولا تكنْ سلبيًّا!!!
أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن الإيجابيةِ وخاصةً أنَّ المؤمنَ ينبغي أنْ يكونَ إيجابيًّا وفعالًا ومشاركًا في الانتخاباتِ بجميعِ ألوانِهَا لنعبرَ بمصرِنَا إلى برِّ الأمانِ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا انتشرتْ فيه السليبةُ بصورةٍ مخزيةٍ سلبيةٍ قاتلةٍ يهزُّ كتفيهِ، وكأنَّ الأمرَ لا يعنيهِ لا مِن قريبٍ ولا مِن بعيدٍ يا عمّ الشيخِ وأنَا ما لِي , أنت بتنفخُ في إبرةٍ مخرومةٍ يا عمّ الشيخِ ولو أنَّ نارًا نفختَ فيها أضأتْ ولكنْ أنت تنفخُ في رمادٍ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الإيجابية
أولًا: كُلُّنَا ركابُ سفينةٍ واحدةٍ.
أيُّها السادة :اعلموا يقينًا أنّنَا نركبُ جميعًا في سفينةٍ واحدةٍ، يركبُ فيها الصالحون ، ويركبُ فيها الطالحون، ويركبُ فيها المتقون، ويركبُ فيها المذنبون ،ويركبُ فيها الأبرارُ، ويركبُ فيها الفجارُ، فإنْ نجتْ السفينةُ نجَا الجميعُ، وإنْ هلكتْ السفينةُ هلكَ الجميعُ، سيهلكُ المتقون والمذنبون، سيهلكُ الأبرارُ والفجارُ، لذا قال الصادقُ المصدوقُ ﷺ كما في صحيح البخاري مِن حديثِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا” رواه البخاري. مثلٌ بديعٌ مِن سيدِ النبيينَ فالناسُ في هذا المجتمعِ ينقسمونَ إلي ثلاثةِ أصنافٍ:
صنفٌ وحّدَ اللهَ تبارك وتعالي ,وأخلصَ العبادةَ للهِ, وراقبَ اللهَ ليلًا ونهارًا, هؤلاء هم الأبرارُ المتقون هؤلاء هم الصالحون المصلحون ,هؤلاء هم قادةُ النجاةِ .أسالُ اللهَ أنْ يجعلَنَا وإياكُم منهُم بمنِّهِ وجودِهِ وفضلِهِ إنَّهُ وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
وصنفٌ وقعَ في الذنوبِ والمعاصي وهذا الصنفُ علي خطرٍ عظيمٍ إنْ لم يتبْ مِن ذنبِه ,ويندمْ علي ما فعلَ.
وصنفٌ ساكتٌ صامتٌ لا ينظرُ إلي أهلِ المعروفِ، ولا ينكرُ على أهلِ المنكرِ, صنفٌ يعيشُ لشهواتِه الرخيصةِ, لا يعيشُ إلّا لتجارتِه وأموالِه، هذا الصنفُ سيُهلَكُ مع الهالكين الفاسدين المذنبين، ويُبعثُ الصالحون علي نياتِهِم وعلي طاعتِهِم لكنْ في الدنيا سيُهلكُ الجميعُ , سيُهلَكُ المتقون والمذنبون , سيُهلَكُ الأبرارُ والفجارُ، تدبرْ معِي قولَ سيدِ النبيين كما في الصحيحينِ مِن حديثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا وفي لفظ قام النبي يوما من النوم فزعا يَقُولُ:” لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ؛ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ “وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ) رواه البخاري، ولا أرَي زمانًا كَثُرَ فيهِ الخبثُ الزنَا والعياذُ باللهِ كهذا الزمانِ لا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ. فلابدَّ وأنْ يعِي الجميعُ أنّنَا نعيشُ في سفينةٍ واحدةٍ إنْ نجتْ السفينةُ نجَا الجميعُ ,وإنْ هلكتْ السفينةُ هلكَ الجميعُ ، فلنحرصْ جميعًا على رفعةِ وطنِنَا وعلى طاعتِنَا لربِّنَا ولحبيبِنَا ﷺ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الإيجابية
ثانيًا: الإيجابيةُ في حياتِنَا.
أيُّها السادةُ : الايجابيةُ خلقٌ عظيمٌ من أخلاقِ الدينِ، ومبدأٌ كريمٌ مِن مبادئِ الإسلامِ، وشِيمةٌ مِن شيمِ الأبرارِ الأخيارِ، وصفةٌ مِن صفاتِ المؤمنين الموحدين، أمرنَا بها الدينُ، وتخلّقَ بها سيدُ المرسلين ﷺ، تدلُ على سموِّ النفسِ، وعظمةِ القلبِ، وسلامةِ الصدرِ، ورجاحةِ العقلِ، ووعيِ الروحِ، ونبلِ الإنسانيةِ وأصالةِ المعدنِ. والإِيجابِيَّةُ سِمَةٌ إِيمانِيَّةٌ، وعِمارَةٌ لِلْحَياةِ الإِنسانِيَّةِ، ومِيزَةٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ الإِسلاَمِيَّةِ، لأَنَّها أمَّةُ إِصلاَحٍ وإِرشادٍ، وعَمَلٍ وَجِدٍّ واجتِهادٍ، والايجابيةٌ صفةٌ مِن صفاتِ المؤمنين، قال جلَّ وعلا ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [التوبة: 71.والإيجابيةُ تتمثلُ في قولِ اللهِ جلَّ وعلا : ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2). والايجابيةُ تتمثلُ في مؤمنِ ألِ فرعون {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} لنتأمَّلْ حالَ هذا الرَّجُلِ الداعيةِ {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} جاءَ مِن مكانٍ بعيدٍ؛ لم يمنَعْه بُعدُ المكانِ أنْ يأتيَ ليبَلِّغَ دعوتَهُ، وينشُرَ معتَقَدَهُ، فقد جاءَ مِن أقصَى المدينةِ! فلم يَقُلْ: الشُّقَّةُ بعيدةٌ، والمسافةُ طويلةٌ، والأمرُ صَعبٌ وجاء {يَسْعَى} ولم يأتي ماشيًا! فإنَّ ما قامَ في قَلْبِهِ مِن الحماسِ، والحَمِيَّةِ، والحَركةِ والَّرغبةِ في نَقْلِ ما عندَهُ إلى الآخرين، حملَهُ على أنْ يسعَى ((قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ لماذا اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)الله ُأكبرُ، والايجابيةُ تتمثلُ في قولِ النبيِّ المختارِ ﷺ كما في حديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا)رواه أحمد ،لذا لَمَّا أتَى الوحيُ النبيَّ ﷺ رضى اللهُ عنها ، وأصابَ منهُ ما أصابَ، وهزَّهُ هزةً شديدةً، أسرعَ إلى خديجةَ نعمَ الزوجةُ المؤنسةُ لزوجِهَا ساعةَ القلقِ وهو يقولُ: (زملونِي زملونِي، دثرونِي دثرونِي)، فإذا بالحقِّ يوحِي إليهِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 1 – 4،وقالَ جلَّ وعلا﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾المدثر: 1 – 5).فدعَا قومَهُ ﷺ ليلًا ونهارًا إلى عبادةِ الله الواحدِ الديانِ وكيف لا؟ ولقد علمَنَا النبيُّ ﷺ الإيجابيةَ في مختلفِ جوانبِ الحياةِ فكان أولَ المشاركين في حفرِ الخندقِ والدفاعِ عن المدينةِ المنورةِ، وربَّى أصحابَهُ على معانِي الإيجابيةِ الفاعلةِ، فعن أبي هُرَيرةَt أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال: ((بادِروا بالأعمالِ فِتَنًا كقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا ويُمسي كافِرًا، أو يُمسي مؤمِنًا ويُصبِحُ كافِرًا، يَبيعُ دينَه بعَرَضٍ من الدُّنيا))وكيف لا؟ ولقد حكِي لَنا النبيُّ ﷺ مَوقِفًا إِيجابيًّا عَنْ رَجُلٍ رأَى مُعْضِلَةً تُواجِهُ النَّاسَ فِي طَرِيقِهم، فَبادَرَ إِلى حَلٍّ عَمَلِيٍّ قَضَى علَى المُشْكِلَةِ والمُعاناةِ، فَكَتَبَ اللهُ لَهُ جَنَّتَهُ ورِضاهُ، عَنْ أَبِي هُريْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرةٍ علَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقالَ: واللهِ لأَنْحِينَّ هَذا عَنِ المُسلِمينَ لاَ يُؤذِيهِم فأُدخِلَ الجَنَّةَ“، إِنَّ هَذا الرَّجُلَ لَمْ يُقابِلْ هَذِهِ المُشْكِلَةَ بِكَثْرَةِ الكَلاَمِ، وإِلقاءِ العَتَبِ واللَّوْمِ علَى الأَنامِ، لَمْ يَقُلْ: مَنْ أَلقَى هَذا الأَذَى؟! أَو يُرَدِّدْ: لِماذا لَمْ تُزِيلُوا هَذا القَذَى؟! ولِكنَّهُ كَانَ إِيجابيًّا رَائِعًا فِي مَوقِفِهِ، فَبادَرَ إِلَى حَلٍّ عَمَلِيٍّ أَراحَ بِهِ نَفْسَهُ وإِخوانَهُ، فاستَحقَّ مَغْفِرةَ اللهِ ورِضوانَهُ.وكيف لا؟ وهذه نملةٌ أيُّها الأخيارُ علي عهدِ نبيِّ اللهِ سليمانَ أنقذتْ أمةً فمَن ينقذُ أمتنَا مِن الدمارِ مِن المهلكاتِ مِن البانجُو والمخدراتِ والدعارةِ وغيرهِمَا مِن المفسداتِ ؟ نملةٌ شعرتْ بمسئوليتِهَا فحذرتْ قومَهَا… نملةٌ علمتْ الأمةَ الايجابيةَ ( حتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) سورة النمل، وكيف لا؟ وهذا هدهدٌ علَّمَ الدنيا كلَّهَا الايجابيةَ والغيرةَ لدينِ اللهِ فلا يكونُ الهدهدَ أفقهَ منك, وأغيرَ منك , تحركَ لدينِ اللهِ ,عندمَا وجدَ قومًا يسجدونَ للشمسِ مِن دونِ اللهِ ( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) سورة النمل ،فالمسلمُ أولَى مِن الهدهدِ بالعملِ الإيجابِي والسعيِ وراءَ المصالحِ والبحثِ عن الخيرِ، إنَّ القرآنَ العظيمَ قصَّ علينَا خبرَ الهدهدِ في تقصيهِ الحقائقِ والأخبارِ ونقلِهَا، وقصَّ علينَا خبرَ النملِ في حركتِهِ وحرصهِ على قوتهِ ومدى تعاونِه، وقصَّ علينَا خبرَ النحلِ في تعاونِه وتعاضدِه، أفلا يكونُ الإنسانُ أولَى بالعملِ الدؤوبِ والحركةِ المتعاقبةِ المثمرةِ، المسلمُ بحاجةٍ إلى هذه الإيجابيةِ لأنَّهُ المسؤولُ عن نفسِه، وسيحاسبُ يومَ القيامةِ فردًا، قال جلَّ وعلا 🙁وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[(الأنعام : 164 ،الإسراء : 15 ، فاطر : 18 ، الزمر : 7)
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الإيجابية
ثالثــــًا: السلبيةُ داءٌ خطيرٌ.
أيُّهَا السادةُ: السلبيةُ داءٌ اجتماعيٌّ خطيرٌ ، ووباءٌ خُلقيٌّ كبيرٌ ما فشَا في أمةٍ إلّا كان نذيرًا لهلاكِهَا ، و ما دبَّ في أسرةٍ إلّا كان سببًا لفنائِهَا ، فهو مصدرٌ لكلِّ عداءٍ وينبوعُ كلِّ شرٍ وتعاسةٍ ، والسلبيةُ آفةٌ من آفاتِ الإنسانِ، مدخلٌ كبيرٌ للشيطانِ ،مدمرةٌ للقلبِ والأركانِ ،تفرقُ بينَ الأحبةِ والإخوةِ، تحرمُ صاحبَها الأمنَ والأمانَ ،وتدخلُه النيرانَ ،وتبعدُه عن الجنانِ ،فالبعدُ عنه خيرٌ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ. والسلبيةُ ظاهرةٌ مدمرةٌ للأفرادِ والدولِ ويُعَدُّ طمعُ النفسِ وغيابُ الوعيِ وضعفُ الوازعِ الدينيِّ، وعدمُ مراقبةِ المولىَ جلّ وعلا من أهمِّ أسبابِ السلبية ، والسلبيةٌ داءٌ يقتلُ الطموحَ ، ويدمرُ قيمَ المجتمعِ ، ويعَدّ خطرًا مباشرًا على الوطنِ، ويقفُ عقبةّ في سبل البناءِ والتنميةِ ، يبددُ المواردَ ، ويهدرُ الطاقاتِ، والسلبيةُ مرضٌ نخرَ في أجسادِنَا فأهلكَهَا ….وفي قلوبِنَا فأوهنَهَا…. وفي أبدانِنَا فأهرمَهَا……إنَّهُ مرضُ السلبيةِ، بل إنْ شئتَ فقلْ إنَّهُ مرضُ العجزِ والكسلِ . يا ربِّ سلمْ !!ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، فالسلبيةُ سببٌ لهلاكِ الأممِ والشعوبِ، فعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَال َأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ” وفي رواية:” إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ” رواه الترمذي، لذا كان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، يقولُ: إنَّ اللهَ لا يعذبُ العامةَ بذنبِ الخاصةِ، ولكن إذا عُمِلَ المنكرُ جهارًا استحقُوا العقوبةَ كلّهُم. لذا كلُّ الأمةِ معافَى كما قال النبيُّ المختارُ ﷺ ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ َنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ}رواه البخاري ،بل السلبيةُ سببٌ مِن أسبابِ تسليطِ الأعداءِ علي الأمةِ. فو اللهِ الذي لا إلهَ إلّا هو ما ركعتْ أمةٌ تحتَ أقدامِ عدوِّهَا ولا فقدتْ الأمةُ عزَّهَا ولا زالتْ دولتُهَا إلّا يومَ أنْ تخلتْ الأمةُ عن الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ ،كما قال نبيُّنَا ﷺ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فشي فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)رواه ابن ماجه، فو اللهِ الذي لا إلهَ إلّا هو لن تعودَ الأمةُ إلي خيريتِهَا, ولن تستردَّ عافيتَهَا إلّا إذا عادتْ الأمةُ مِن جديدٍ آمرةً بالمعروفِ ناهيةً عن المنكرِ، كما قالَ ربُّنَا: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }(سورة آل عمران) ما الذي يحولُ بينكَ وبينَ دعوةِ رجلٍ إلي الصلاةِ بكلمةٍ طيبةٍ رِقرَاقةٍ وأنت في طريقِكَ إلي بيتِ اللهِ ؟هذا هو سبيلُ النجاةِ تري أمرأتُكَ تخرجُ كاسيةً عاريةً ولا يتحركُ قلبُكَ ولا تجرِي الدماءُ في عروقِكَ فأنت علي خطرٍ عظيمٍ ،تنظرُ إلي ابنتِكَ تخرجُ متعطرةً واضعةً الاصباغَ علي وجهِهَا ولا يتحركُ قلبُكَ ولا تجري الدماءٌ في عروقِكَ فأنت علي خطرٍ عظيمٍ !!تنظرُ إلي ولدِكَ وهو يدخنُ ولا تنهاهُ فأنت علي خطرٍ عظيمٍ !!تنظرُ إلي ولدِكَ وهو يشاهدُ الأفلامَ الداعرةَ والمسلسلاتِ الهابطةَ ولا تنهاهُ فأنت علي خطرٍ عظيمٍ !!تري إخوانَكَ مِن المسلمينَ قد وقعوا في الذنوبِ ولا تأمر بالمعروفِ وتنهَي عن المنكرِ فأنت علي خطرٍ عظيمٍ !! إيّاكَ أنْ تعتقدَ أنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المنكرِ مقتصرًا علي خطباءِ المنابرِ فحسب, بل كلُّ إنسانٍ لابدَّ وأنْ يأمرَ بالمعروفِ وينهَي عن المنكرِ كما قالَ ربُّنَا: { لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) } [ النساء: 114)؛ لحديثِ النبيِّ المختارِ ﷺ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ)رواه البخاري ولكنْ أبدأ بنفسِكَ أولًا ،لا تنهَ ولدَكَ عن التدخينِ وأنتَ مدخنٌ , لا تنهَ ولدَكَ عن مشاهدةِ الأفلامِ وأنت تشاهدُ الأفلامَ. لا تأمرُهُ بالصلاةِ وأنت لا تُصلَّي , لا تأمرُهُ بالبرِّ وأنت عاقٌّ .وللهِ درُّ القائلِ:
ابدأْ بنفسِكَ فانهَهَا عن غَيِّها **** فإذا انتهتْ عنه فأنت حكيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ **** عَارٌ عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
قال ربُّنَا ” أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ” البقرة: 44 )وقال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ” الصف: 2، 3. فأمرْ بالمعروفِ ، وانْهَ عن المنكرِ بغيرِ منكرٍ قال تعالى: ” ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ” النحل: 125، وليستذكِرْ كُلُّ واحدٍ منَّا الآن، ماذا يصنعُ في بيتِهِ، هل أنت شعلةٌ مضيئةٌ؟ هل أنت زهرةٌ فوَّاحةٌ تنشُرُ أريجَها وعَبَقَها في كلِّ ركنٍ من أركانِ البيتِ؟ أمْ أنَّك سلبيٌّ لا تسمعُ ولا تبصرُ ولا ترى؟ لذا قال النبيُّ ﷺ: خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي) رواه الترمذيُّ. فلماذا نحرِصُ على الخيرِ خارجَ بُيوتِنا، ونُهمِلُ بُيُوتَنا، وهي ألصَقُ بنَا وأَولَى ببِرِّنَا وعَطائِنَا؟! لا شَكَّ أنَّ هذا يكشِفُ خَلَلًا في التربيَّةِ والتدَيُّنِ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ العليِّ العظيمٍ.
أحزانُ قلبِي لا تزولُ** حتى أبشرَ بالقبولِ
وأرى كتابِي باليمينِ ** وتقرُّعينِي بالرسولِ
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم.
الخطبة الثانية : الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللِه ولا يستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ……. وبعدُ.
العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الإيجابية
رابعًا وأخيرًا: كنْ إيجابيًّا ولا تكنْ سلبيًّا!!!
أيُّها الحبيبُ: كُنْ إِيجَابِيًّا بِالسَّعْيِ وَالِاجْتِهَادِ فِي تَغْيِيرِ مَا بِنَفْسِكِ مِنْ سَيِّئٍ إِلَى حَسَنٍ، قَالَ جلَّ وعلا: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11 وأَنْ نَقِيَ أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا من النَّارِ يوم القيامة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6). كُنْ إِيجَابِيًّا بالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ وَالسَّعِي فِي طَلَبِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ، قَالَ جلَّ وعلا {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} [الجمعة: ١٠]. قال جلَّ وعلا{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].كُنْ إِيجَابِيًّا مع إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كما قالَ إمامُ المسلمينَ ﷺ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).وَفِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ))، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ)) كُنْ إِيجَابِيًّا نافعًا لإخوانِكَ مِن المسلمينَ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ فَقَالَ ﷺ: ((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا)). وَيُبَيِّنُ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ فِي حَدِيثٍ حَسَنٍ، فَيَقُولُ: ((وَمَنْ مَشَى مَعَ مَظْلُومٍ حَتَّى يُثبِتَ لَهُ حَقَّهُ؛ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ)).وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ فِي الدُّنْيَا؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي الدُّنْيَا؛ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)) رواه مسلم. كُنْ إِيجَابِيًّا نافعا بالسَّعْيِ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قال جلَّ وعلا {فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1].قال جلَّ وعلا{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10]. كُنْ إِيجَابِيًّا نافعا واحْرِصْ عَلَى أَوْقَاتِكَ وَسَاعَاتِكَ؛ حَتَّى لَا تَضِيعَ سُدًى، وَاجْعَلْ لَكَ نَصِيبًا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ:«اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وشَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ». أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، كُنْ إِيجَابِيًّا نافعا وَاحْرِصْ أَنْ تَكُونَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ سيد الناس ﷺ؛ فَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ ﷺ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ». قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ ﷺ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَسَاءَ عَمَلُهُ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ،فكن إيجابيا ولا تكن سلبيا.
وأفضلُ الناسِ ما بينَ الورَى رجلٌ *** تُقضَى على يدهِ للناسِ حاجاتُ
لا تمنعنَّ يدَ المعروفِ عن أحدٍ *** ما دمتَ مقتدرًا فالعيشُ جناتُ
قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ مكارمُهُم*** وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ .
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف